Tuesday 15 October 2013

أكرهُ التكنولوجيا .. فعلاً

قد تكون التكنولوجيا فعلاً "سيف ذو حدّين"، وقد يصعب علينا الفصل بين حسناتها وسيّئاتها، وقد تكون هي المحرّك الأول والأخير لثورات القرن الواحد والعشرين، إلاّ أن شيئاً واحداً يبقى حقيقةً لا بدّ من التطرّق إليها: التكنولوجيا عزلتنا عن الحياة .. وبطريقتها الخاصة، ،أعادت تكوين شخصياتنا لما يتناسب مع "العالم الإفتراضيّ الجديد" ، لنجد أنفسنا في لحظةٍ معينة ضحيّة دوّامة لم نختار يوماً الوقوع بها. 
التكنولوجبا التي تسببت بهذه العوارض هي تلك المتمثلة بشبكات التواصل الإجتماعي ناهيك عن الهواتف الذكية وخدمات التواصل المجانية. 
يتوقف تطبيق "واتس آب" عن العمل لدقائق ، تُزعجني فكرة مواجهتي لمشكلة مع التكنولوجيا التي يُفترض بها أن تسهّل حياتنا لا أن تعقّدها، أمحي تطبيق (ال واتس آب) وأُراقب شبكات التواصل الإجتماعي وهي تغرق بسيلٍ من المزاح عن غضب الناس والعالم أجْمَع بسبب تعطل واتس آب، أبتسم متأكدة بأن داخل كلٍ منّا شخصٌ غاضب بسبب ما حدث، غاضب يُخفي غضبه ليبسِط سيطرته على التكنولوجيا التي نجحت في السيطرة علينا منذ اليوم الأول وهي الآن المبتسمة الوحيدة علينا نحن: المدمنون. 
 أكثر ما أكرهه في التكنولوجيا مثلاً هو ببساطة :غياب عنصر المفاجأة. قبل عصر الخليوي، كان الإتصال يتم عبر الخطوط الأرضية والتي كانت الحل الوحيد المتاح: إما أن تجد الشخص المقصود أو أن تترك رسالةً صوتية (الجزء المفضّل من طفولتي) ــ قد نكون غالباً غائبين عن المنزل ، لنعود ونجد تسجيلات صوتية لبعض المكالمات. قد يتساءل البعض عن مكان وجودنا (وهو الجزء المميز) ، كان الإختفاء خلال ساعات العمل والإنشغال وحتى المرح: جميل. لم يكن الشخص مشتتاً باتصالات أو رسائل أو تساؤلات فورية. كانت الفتاة تهرع الى المنزل لتتلقى اتصالاً أو رسالة صوتية مسجلة، تتسلل ليلاً الى غرفة المعيشة المظلمة للاتصال بالحبيب قبل بزوغ فجر يومٍ جديد.

مُتعة الحياة هي إطلاق العنان لمخيلتنا أحياناً والإستمتاع بذكريات شاهدناها في أفلام أو مسلسلات أو كانت حتى، جزءً من طفولتنا. مشاهد خالية من التكنولوجيا التي دخلت خلسةً الى تكوين شخصياتنا لتُصبح جزءً لا يتجزّأ منها. تلك الخصوصية التي تميزت بها حياتنا  قبل الألفية الثانية والتي لن تعود إلا إن أعدنا إحياءها وهو أمرٌ مستحيل كون التكنولوجيا والتواصل عنصران بأهمية الهواء والماء اليوم.

قد أكون ألغيت تطبيق "واتس آب" الليلة، وعلى الأرجح أنني سأرضح وأعيدهُ ثانيةً غداً، ولكنني ببساطة: أكرهُ التكنولوجيا فعلاً.