Wednesday 26 June 2013

سرفيس

صباح الخير بيروت، نقولها، نحتسي القهوة ...نُدردش قليلاً عما ينتظرُنا اليوم.
لا مُغامرة في القيادة بالنسبة لي، هو استنتاج جديد توصّلتُ إليه بسبب الضجر من روتين القيادة في بيروت ومشكلة "الصّفة". صباح اليوم قررت التخلي عن السيارة واستقلال "السرفيس" أو سيارة الأُجرة الى وُجهتي، المُغامرة الوحيدة التي قد يواجُهها السائق/ة هي عدم توافر أمكنة كافية لركن السيارة، وأنا بغنى عن هذا الروتين اليوم.
تبدأ الرحلة بالسرفيس منذ اللحظة التي نُغلق فيها الباب خلفنا، وأنا بطبعي أُحب الإصغاء أكثر من المُشاركة في الحديث، من حُسن حظي كان الهدوء يعمّ السيارة. 
توقفت السيارة فجأة وبادر الشوفير بالقول: « أهلين سعد، طلاع يلا»
جلس سعد ( رجُل في العقد الخامس من العمر) قرب الشوفير، تبادلا أطراف السلامات سريعاً بينما أنا أستوقفهم لأُعلن وصولي إلى وُجهتي.
أتتمتُ ما أتيت لأجله من أوراق، إشتريتُ كعكتي المُفضلة ب سِمّاق ، مشيْتُ قليلاً قبل أن أختار سرفيس آخر للعودة إلى المنزل.
أجلس في المقعد الخلفي بينما يعلو صوت شوفير سرفيس آخر يقول " خدها عالمقاصد إذا عطريقك»!
تجلس الحجة قرب الشوفير ونمرّ بجانب مدرسة غرقت بالتلامذة فيُبادر الشوفير الستينيّ إلى سؤالهم" «شو عمّو ؟ كانوا سهلين الإمتحانات؟؟» وتُردد الحجة قُربه :« الله يوفقكن وينجّحكن»
أَبْتسم، ونُتابع الطريق حيث سبّبَ تلامذة مدرسة أُخرى زحمة وتركو أرصفة غارقة بالصابون والصراخ مودّعين سنةً دراسية ومُرحبين بالعطلة الصيفية، تبتسم الحجة : « إي، الله يسعدُن»
فيُجيبُها الشوفير :«بياخد التلميذ ٢٠٠ شهادة، وبلا واسطة ما في شُغُلْ»
أَبْتسم، أُعطي الشوفير ٢٠٠٠ ليرة، أشكرُه وأُتابع طريقي سيراً الى المنزل، كالعادة يستوقفني بائع اليانصيب ، بالنسبة لهُ «بكرا السحب» كلّ يوم وأنا بالتأكيد رابحة.
هذه هي بيروتي، حيْث يتبادل سائقو السرفيسات الزبائن بمحبة، مدينةٌ لا يخشى فيها التلميذ إجابة سائق السرفيس بالقول: «إي عمو، مناح الإمتحانات كانوا»...
استطعت الخروج من قوقعتي ومشاركة قسم من بيروت فرحته الآنيّة، فرحة نهاية السنة الدراسية واليوم المُشمس الدافىء وفرحة الشوفير بالراكبة الإضافية، فرحتي بالكعكة والنزهة القصيرة إلى المنزل، فرحتي ببيروت هادئة، حيث يصدح زمور السرفيس ويختفي صوت رصاص الليل.